روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات تربوية واجتماعية | ولدي...يسرق!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة


  ولدي...يسرق!
     عدد مرات المشاهدة: 5193        عدد مرات الإرسال: 0

[] نص الإستشارة:

قبل أيام لا حظت أن أحد أبنائي وهو أكبرهم سرق مبلغا زهيدا من المال شق ذلك علي فقاطعته، أبدى بعض الإعتذار، ولكنني منزعج من هذا السلوك الذي لا مبرر له فأنا موفر لهم كل طلباتهم، وقد قلت لهم مرارا من كان في حاجة لشيء من المال فليخبرني لأنني كنت أخاف عليهم من هذه السلوكيات ولكن للأسف وقع ما كنت أخشاه، حاول ولدي الإعتذار ولكنني رفضت بل وصفته بالسارق ولا أكلمه الآن... أريد علاجا لهذا الأمر؟

¤ الـــــرد:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أسأل الله العلي العظيم، الجواد الكريم، أن يقر عينك بصلاح نفسك، وذريتك، وأن يُديم على أسرتك السعادة والألفة والأمن والإيمان، وأن يجعل أكبر أبنائك صالحاً مصلحاً براً تقياً نقياً، اللهم آمين.

أخي الحبيب: لم تذكر لي سِنَّ ابنك الأكبر، ولم تحدثنا شيئاً عن سلوكياته العامة وأخلاقه، وكذا لم تذكر هل فقدت أموالاً أخرى خلال الفترة السابقة أم لا!

وعليه ستكون إجابتي على فرضية أن ابنك بين الثالثة عشرة والخامسة عشرة من العمر، وأنك لم تلحظ عليه في سلوكياته وأخلاقه ما يشين، وأنه لم يتم فقد شيء خلال الفترة المنصرمة، فإن كان الأمر خلاف ذلك، فآمل إرسال رسالة أخرى تفصيلية، وإلا فلي معك خمس وقفات:

= الوقفة الأولى: ذُكِر أن الخليفة العباسي المنصور بعث إلى من في السجن من بني أمية يقول لهم: ما أشد ما مر بكم في هذا السجن؟ قالوا: ما فقدنا من تربية أولادنا.

ذلك أن مهمة تربية الأولاد أعظم وأخطر مهمة في الحياة، فَهُمْ من أجَلِّ نعم الله على عباده، بهم يكون للحياة معنى، تأنس النفس بمرآهم، ويُسر الخاطر بإبتسامتهم، فهم زينة الدنيا، وإمتداد العمر للإنسان.. ولذا كان من دعاء زكريا عليه السلام {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء:89].

ولذا فإني أشد على يديك بأهمية متابعة فلذات كبدك، والحرص على تقويمهم وتوجيههم لصالح الأقوال والأعمال، بل وبذل الغالي والنفيس من الجهد والمال والدعاء لصَلاح حالهم، وتنمية شخصياتهم، وثبات معتقدهم، وتقوية إيمانهم.

= الوقفة الثانية: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه» 5654/ صحيح الجامع.

تفتيش جيبه ومحفظته، وصفه بالسارق، رمي المبلغ عليه، رفض سلامه وتقبيله، مخاصمته لثلاثة أيام.

ألا ترى أخي الحبيب أنها أكثر مما يتحمله طفل أو شاب لم يخط عليه القلم بعد.

نعم، أدرك أنك خشيت من خطر السرقة وتهاونه بشأنها، أو أن تكون صفة ملازمة له، أو نظرتَ إلى نفقتك عليهم بلا حدود، أو أنه ليس في حاجة إلى أن يمد يديه لممتلكات الآخرين.

كل هذا صحيح، ولكن انظر معي إلى زوايا أخرى للواقعة:

اهتزَّت العلاقة بينكما، زَعْزَعْتَ ثقته بنفسه، تأثَّرت صورته لدى إخوته، يعيش الآن في أجواء وصفه بالسارق، تَمرَّد على أنظمة المنزل وقوانينه.. إلخ.

إننا في حاجة إلى إحتواء تصرفات أولادنا، غض الطرف عن سلوكياتهم السلبية العابرة، التعامل معهم معاملة الصديق لصديقه، تجاوز المفردات المُحَقِّرة إلى المفردات الإيجابية الحكيمة.

نعم.. أخطأ إبنك، ولن يكون هذا خطأه الأول، ولا الخطأ الأخير.

إنَّ الحب والتسامح، وتأكيد ثقة الولد بنفسه، وإحترام إستقلال شخصيته، وبناء علاقة الود والصداقة، أقوى وأنفع من الغضب والإنفعال، كي يتعلم الصواب، ولمساعدته على عدم تكرار الخطأ.

= الوقفة الثالثة: تأمل أخي الغالي معي المشهدين التاليين:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ -رواه مسلم:2228.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: "خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، وَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفًّا قَطُّ، وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا -متفق عليه.

= الوقفة الرابعة: هناك أبجديات في حياتنا نعتقد أنها واضحة عند أبنائنا وضوح الشمس، وحين نتداخل إلى أعماقهم وتصرفاتهم، نرى أن الصورة لديهم مشوشة، أو على الأقل لم تصل إلى القناعات المطلوبة، وفهم متعلقاتها بالمستوى الذي نريد.

وهنا أقترح عليك أخي الكريم ملاحظة الجوانب التالية:

1- أن تعقد جلسات أسرية بين الفينة والأخرى مع أفراد عائلتك، لتوضيح مفهوم الملكية الفردية، وإحترام ملكية الآخرين، وبيان الحقوق والواجبات لكل فرد من أفراد الأسرة.

2- إشباع حاجات الولد الأساسية، مع إعتماد مصروف يومي أو أسبوعي بصورة منتظمة، ومتناسبة مع مرحلته العمرية، ومتابعته للإطمئنان على حسن إنفاقه لهذا المصروف.

3- تجنب وبصورة تامة المفردات السلبية، والعقوبة البدنية، وخصوصاً بحضرة إخوته أو أصحابه، فإن لهذين العاملين أثراً مدمراً لنفسية الولد، وإستقراره الأسري والإجتماعي.

4- ينبغي بيان الحكم الشرعي للإعتداء على ممتلكات الآخرين، وعقوبة من إعتدى على حقوق غيره، وفضل الأمانة والثناء على صاحبها، مع عرض صور مشرقة لأمانة السلف الصالح، فالتربية بالقدوة، وبالصور المتميزة في تاريخنا المشرق، مع ربط ذلك إيمانياً، من أفضل طرق التربية، مع أهمية التوثق من حسن إختيارهم لأصحابهم، فكل قرين بالمقارن يقتدي.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

المصدر: موقع رسالة الإسلام.